احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

أجنحـــة العطاء

تستمع إلى عنف المطر..
هو يتساقط..
وهي تتساقط..
تستمع إلى الصمت في كل مكان..
كان الأمل سيفقد أجنحته داخلها..لكنها وجدته في والدتها التي قررت أن تزرعه فيها ليمنحها قوافل العطاء .. فراحت تصيغ لها العالم بالكلمات..
هي لا تعرف عنهم شيئاً..ولا تعرف أشكالهم ..ولا تعرف ملمسهم.
غيّرت والدتها الزهورالموجودة على منضدتها الجانبية ..انتشر حولها عبير جميل هبّ من وسطهم ..فأحست بها وبالزهور
والدتها تقود كرسي إعاقتها إلى الشرفة ..وهناك تجلس بجانبها ..تخبرها قصصاً عن العالم من حولها.. بينما يداعب النسيم شعرها الناعم كعاشق سري وهي تـُصغي محاولة التخيل..
(الأجرام السماوية الفضية اليوم كاملة يا حبيبتي..معلقة بحرية في السماء . . لا غيوم تعرقل مسيرتها..)
هذا صوت والدتها يقترب أكثر.. (مازالت الشمس المسائية تمنح الأفق بريقها الماسي..فتضيء عيون المدينة ..والأرصفة تدردش و تتبادل الحديث مع أحذية الناس التي تمشي عبرها.. )
(تنحني الأشجار تحيي بعضها البعض..تتراقص على مهل مع الريح.. والمقاعد تلعب صامتة ..بينما الكثيرون يجيئون ويذهبون.)
تتابع وصفها في شغف وتوق.
(حاولي التفكير بجوهرة هائلة ..وميض ماسة متألقة ..تخيلي بأنك تحاولين حجبـِها بيديك أو بقطعةِ قماش ولكنك تفشلين في اختفاء وهجها..لأن الضوء ينزلق من كل مسام فيها..)
(تبدأ الشمس المسائية بالغروب ..وما زال الرصيف يتكلم والاشجار تغني والمقاعد تساعد الآخرين ..وحينها يأخذ القمر مكانه على خد السماء.)
ثم تضيف (عزيزتي ..تصوري سماء الليلة ..نقاط صغيرة جدا تلمع وتخرج مثل جوهرة ملونة ) في كل مرة تتوقف والدتها لتتركها تتخيل كل جملة ..
وهكذا كل ليلة تخلق صوراً لها لتعايش فضاء الطبيعة باسلوب شاعري ساحر الألوان ..
تصف الجو الحيوي للزهور وأشكالها ..تصِّور المخلوقات الجميلة مثل الفراشات ..و
(تخيلي سائلاً أزرق اللون متحركا ينتشر بعيداً بقدر الأفق ..فينسجم مع الزرقة الجميلة للسماء فيتلاقيان)..
(تخيلي المشهد الهاديء الصافي هذه اللحظة ..موسيقى تدنو من أذنيك.. هدير الموجات ..غموض عميق بالنضال والكفاح من أجل البقاء)
تستمريء الإستماع الى والدتها حيث في نطقها جاذبية محببة..
(تخيلي أنك جاثمة على شيء ينقلك من خلاله كـشراع ..فيسرع النسيم الذي يصفق شعرك تاركاً عينيك مغمضتين تجوبين العالم في مخيلتك)..
(فجأة تشعرين بدفع ٍمثير ..ماء تدفعك موجاته بكل اشتياق ..تأخذك لاستكشاف أكثر حول الصخور التي ترتطم بها مكونة رغوة الموجات البيضاء)..
(تسمعين صافرات حادة تدركين أنها لنوارس بيضاء تنشر أجنحتها وتطير بحرية)..
(إذا أمكنك أن تحسي بذلك كله يا عزيزتي فأنت الآن بالذات تركبين على قارب سريع يمخر عباب البحر).
كل مساء تتعلم مها شيئاً جديدًا .. وملمساً جديداً..إنها الرغبة الغير عادية التي تدفع قلبها ليكون أكثر نشاطاً وأملاً..
مرّت شهور عدة ..قررت مها أمراً ..فقالت والمرح في عينيها(أمي أريد أن أخبرك شيئاً..)..
نعم يا عزيزتي) ردت والدتها واشتياق واضح في صوتها..)
(أمي ..كل الأشياء التي أخبرتني ..كانت من خلال هذا العالم عالمك الجميل والحقيقي ..أعرف أني أتوق لرؤية الصور التي ترسمينها لي بكلماتك فأتخيلها بعيونك ..لكنني أرغب بعمل شيئاً أراه من خلال عيوني )..
توقفت قليلاً ثم تابعت..( أمي أريد أن تري من خلال عيوني أنا ..خيالي أنا..أريد أن أمنح الألوان فكري)..
(أمي ..أرغب أن أرسم وألون..)
وبعد مرور سنة ..كان الناس يرتادون متحف المدينة للفن التشكيلي ..وفي ركن من أركانه ..تزاحم الناس أمام لوحات أبدعتها ريشة فنانة عمياء .. دخلوا ليشاهدوا بأم أعينهم وهي ترسم في الورشة المجاورة للركن .. كانت الفرشاة بين أسنانها تخلق أجمل اللوحات .
**

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق