احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

طيـــف من بقايـــا حلـــم

كان المقهى بقعةً مفضلة له ..من هناك يُمكنه أن يُراقب المدينة تشق طريقها نحو عالمه..بإمكانه أن يلمح ويتمعـّن الخطوات والأصوات والوجوه .. ويتخيل الأحاديث التي يتبادلونها ولو من بعيد..من هناك يتأمل الحياة التي يستقيها في فنه..
في كل مساء .. يجلب معه أقلام الرصاص ودفاتر الرسم وألوان الفحم الباستيلي ويرسم.. يُخطط الوجوه والأجسام .. وتفاصيل المشاهد التي تثير انتباهه..يَحب الملمس المرن لورق الرسم وهي تنزلق تحت يديه .. وطريقة خدش ألوان الفحم القاسية وهي تتماوج بين أصابعه فتسكب الألوان ضوءًا وظلالاً..
يلتقط بالرسم ..ابتسامات السياح الذين يرتشفون فناجين قهوتهم ..أو ملابسهم التي تثير مـَلـَكته..أو ومضات الزهور اللامعة التي تحتل شُرفات المنازل ..أو الأشجار التي تلعب لعبــة الإختفاء مع مصابيح الشارع..
بينما كان منهمكاً بما يلمس قلبه على ورقة الرسم..هواء حوله تغيّر ببطء ..لفح وجهه عِطر شفيف استرجع فيه ذكرى ماض ٍبخطفة ٍسريعة .. شدّ انتباهه إليها وهي تـَعبر المكان لِتأخذ مِقعداً لها في احد المناضد حوله..
في تلك اللحظة التي لا اسمَ لها ..أدركَ كل تفاصيلها ..أصابعها الطويلة تتراقص وهي تمسك كأساً خزفياً مثل قطة ناعمة ..أحسّ بكلماتٍ كانت نصف منسية لقصيدةٍ شقـّت طريقها عبر أصابعه في إحد الأيام الخوالي ..بشرتها البيضاء المائلة للصُفرة كزهرة منغوليا ..ذكرّه بوجهٍ كان يزوره كل ليلة كشعاع شمسٍ ارجواني مجنون..عيونها الرمادية وكأنها وعد المطر أخذ يهطل خربشة على الورق ..لـَكَم تمنّى أن تعود تلك الساعة التي أحبها وأحبته..شعرها الأسود يُمارس أعمال شغبٍ على أكتافها يتساقط مثل قصَباتٍ ناعمة عند حنجرتها..لفّ به ما تبقـّى محصورًا في مُخيلته.. أجبر نفسه على قفل الذكريات..
تشربُ قهوتها على عجلٍ وتنظرُ إلى رسغ ِيدها وتنهض .. فيدخل الهلع إلى قلبه حين تراءى له تلك السيارة التي سحقت جسد حبيبته أمام عينيه ..فتناثرت أجزاؤها و راح يُلملِم ما تبقى منها يحمِله كحلم الأمس..
بدأ هتـّان المطر يلطخ ورقة الرسم ويمحو جبروت طيفٍ قاسٍ لمن لا ينساها.

**

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق